في وقتنا الحاضر، يكاد لا يمر اسبوع من دون أن نسمع عن خبرٍ جديد لتحقيق المملكة العربية السعودية لإنجازٍ أخر من ضمن خطتها الاستراتيجية "رؤية 2030" والتي أعلنها ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان آل سعود حفظه الله. إن حجم التغير الإيجابي في المملكة غير مسبوق ويتقدم بمعدلٍ مثير للإعجاب وخاصة في مجال الاقتصاد والمجتمع المدني.
وكان اخر هذه الأخبار، خبر تحقيق السوق المالية السعودية (تداول) لإنجازٍ استثنائي الأسبوع الماضي مع إعلان MSCI إضافة سوق المملكة المالي إلى مؤشرها للأسواق الناشئة، وهذا الحدث البارز ما هو إلا مثال آخر للتقدم الذي تحرزه الجهات الحكومية السعودية في مسيرتها نحو التحديث الاقتصادي. ونحن في دويتشه بنك نرى أن انضمام تداول إلى مؤشر MSCI للأسواق الناشئة (EM) يمثل نقطة تحول ليس للمملكة فحسب بل لمنطقة الشرق الأوسط ككل.
هذا ويتعيّن على المستثمرين المؤسساتيين حول العالم النظر الى هذا الإنجاز والى المنجزات التنموية الأخرى التي تشهدها المملكة إذا أرادوا الاستفادة من فرص الاستثمار المتاحة في السوق السعودية، هذا إن لم تكن قد استحوذت هذه الإنجازات على اهتمامهم بالفعل الى حد الآن.
وفي حين كان يترقب المشاركون في السوق المالية السعودية، ومن ضمنهم دويتشه بنك، إعلان MSCI منذ فترة، إلا أنّ الإنجاز الذي تحقق كان يستحق الانتظار! فقد أعلنت MSCI عن ضمها السوق المالية السعودية إلى مؤشرها للأسواق الناشئة في عام 2019 على مرحلتين: تتزامن المرحلة الأولى للانضمام في شهر مايو من عام 2019 مع تاريخ المراجعة النصفية لبيانات المؤشر، أمّا المرحلة الثانية فسوف تكون في سياق المراجعة الفصلية لبيانات المؤشر في شهر أغسطس من عام 2019.
وفي تقدير مبدئي، أحرزت المملكة العربية السعودية تقدماً في حجم سوقها المالي في المؤشر بنسبة 0.3% لتصل نسبة السوق المالي السعودي إلى 2.6% في مؤشر الأسواق الناشئة، في حين لم يحدث تغيير على عدد السهم المنضمة والبالغ عددها 32 سهماً. إنّ انضمام تداول إلى مؤشر الأسواق الناشئة وإمكانية إدراج شركة أرامكو السعودية في العام 2019 (والذي تقدر أن تبلغ نسبته الى أكثر من 2.2% في مؤشر الأسواق الناشئة) من شأنهما أن يعززا مكانة المنطقة برمتها وأهميتها في الارتقاء بما يزيد عن نسبة 7% الى 8% في المؤشر العام للأسواق الناشئة.
هذا ولا تزال ملكية الأجانب في السوق المالية السعودية متدنية للغاية بنسبةٍ لا تزيد عن 5%، ويمكن أن تكون أقل إن عُدِّلت تبعاً للنسبة التي يمتلكها المستثمرون الاستراتيجيون والبالغة 3%، الأمر الذي يعني أن 2% فقط من السوق يملكها مديرو الأصول الأجنبية النشطة.
إننا نتوقع أن تزيد الملكية الأجنبية من الحصة الحالية التي ذكرناها سابقا والبالغة 2% الى ما لا يقل عن 8% نتيجة لإعلان كل من MSCI و FTSE انضمام تداول لمؤشرهما للأسواق الناشئة، والذي سيساهم بدوره في زيادة تدفق رؤوس الأموال لتبلغ قرابة 32 مليار دولارٍ أمريكيٍ إضافية بحلول نهاية العام 2019 (10 مليارات من خلال صناديق المؤشرات المباشرة مقابل 22 ملياراً من خلال صناديق المؤشرات النشطة). ومن المثير للاهتمام انه منذ بداية العام وحتى اليوم، حققت السوق المالية السعودية ارتفاعاً بنسبة 15% نتيجة تدفقات رؤوس أموال أجنبية بلغت قيمتها حوالي 3.6 مليار دولار أمريكي، وهو مؤشر على إمكانية زيادة قيمة الأسهم في الاثني عشر شهرًا القادمة.
ومنذ العام 2015 حتى العام 2017، لم يكن للسوق المالية السعودية نصيبٌ في الانتعاش الواسع الذي شهدته الأسهم العالمية، بل تأخرت عن مؤشر ستاندرد آند بور (S&P) بنسبة 45% وعن مؤشر MSCI EM بنسبة 24%. إلّا أن الربع الأول من عام 2018 كان نقطة التحول، فقد قلّصت السوق المالية السعودية نسبة تأخرها منذ بداية العام وحتى تاريخه لتصبح اليوم ثاني أفضل الأسواق أداءً على مستوى العالم في عام 2018، والسوق الأفضل أداءً من بين أكبر 20 سوقاً في العالم. ومن وجهة نظر تقييمية، تصل نسبة مكرر الربحية في السوق المالية السعودية إلى 15 في عام 2018، والمتوقع أن تصل الى 13.5 في العام 2019، وذلك مقارنة بالمعدل السابق لمكرر الربحية على مدى ال 5 سنوات الماضية والذي بلغ 17، مما يعني احتمالاً إضافياً لزيادة قيمة الأسهم بنسبةٍ تتراوح بين 13 – 26% لتصل إلى القيم العادلة المسجلة في السابق.
والجدير بالذكر، أن تحليل التقييم للسوق السعودي يأتي بالتزامن مع أداء السوقين الإماراتية والقطرية بين عامي 2013 و2014 وهي السنة التي فصلت بين قرار MSCI ضم هاتين السوقين وبين انضمامهما فعلياً، إذ شهدت السوقان الإماراتية والقطرية في تلك الفترة انتعاشاً بنسبة 68% و48% على التوالي.
إذاً، كيف يجب أن يتداول المستثمرون في سوق تكون إمكانية زيادة قيمة الأسهم فيه كبيرة؟ يضم المؤشر السعودي المنضم لمؤشر EM MSCI 32 سهماً مالياً، ويعتبر مصرف الراجحي وسابك السهمان الرئيسان حيث حققا أداء متميزاً (بنسبةٍ تفوق 32% للراجحي و24% لسابك منذ بداية العام وحتى اليوم) نظراً لتركيز المستثمرين على هاذين السهمين بفضل مستويات سيولتهما الضخمة، هذا ونتوقع أيضاً ارتفاع قيمة أسهم الشركات الأصغر حجماً عند دخول الصناديق الأجنبية إلى السوق نظراً لقلة عدد الأسهم المتوفرة للتداول.
في المحصلة، إن الإمكانيات المستقبلية للسوق المالي السعودي واعدة، والتي أصبحت أكثر إيجابية من خلال الإصلاحات الاستراتيجية المتضمنة في خطة "رؤية المملكة 2030". وإن اعلان MSCI الأسبوع الماضي يعتبر خير دليل على نجاح جهود الجهات الحكومية في المملكة على التحديث بشكلٍ ديناميكي ومستدام.
محمد هوا مدير قسم الأسهم العالمية لدويتشه بنك في المملكة العربية السعودية
في وقتنا الحاضر، يكاد لا يمر اسبوع من دون أن نسمع عن خبرٍ جديد لتحقيق المملكة العربية السعودية لإنجازٍ أخر من ضمن خطتها الاستراتيجية "رؤية 2030" والتي أعلنها ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان آل سعود حفظه الله. إن حجم التغير الإيجابي في المملكة غير مسبوق ويتقدم بمعدلٍ مثير للإعجاب وخاصة في مجال الاقتصاد والمجتمع المدني.
وكان اخر هذه الأخبار، خبر تحقيق السوق المالية السعودية (تداول) لإنجازٍ استثنائي الأسبوع الماضي مع إعلان MSCI إضافة سوق المملكة المالي إلى مؤشرها للأسواق الناشئة، وهذا الحدث البارز ما هو إلا مثال آخر للتقدم الذي تحرزه الجهات الحكومية السعودية في مسيرتها نحو التحديث الاقتصادي. ونحن في دويتشه بنك نرى أن انضمام تداول إلى مؤشر MSCI للأسواق الناشئة (EM) يمثل نقطة تحول ليس للمملكة فحسب بل لمنطقة الشرق الأوسط ككل.
هذا ويتعيّن على المستثمرين المؤسساتيين حول العالم النظر الى هذا الإنجاز والى المنجزات التنموية الأخرى التي تشهدها المملكة إذا أرادوا الاستفادة من فرص الاستثمار المتاحة في السوق السعودية، هذا إن لم تكن قد استحوذت هذه الإنجازات على اهتمامهم بالفعل الى حد الآن.
وفي حين كان يترقب المشاركون في السوق المالية السعودية، ومن ضمنهم دويتشه بنك، إعلان MSCI منذ فترة، إلا أنّ الإنجاز الذي تحقق كان يستحق الانتظار! فقد أعلنت MSCI عن ضمها السوق المالية السعودية إلى مؤشرها للأسواق الناشئة في عام 2019 على مرحلتين: تتزامن المرحلة الأولى للانضمام في شهر مايو من عام 2019 مع تاريخ المراجعة النصفية لبيانات المؤشر، أمّا المرحلة الثانية فسوف تكون في سياق المراجعة الفصلية لبيانات المؤشر في شهر أغسطس من عام 2019.
وفي تقدير مبدئي، أحرزت المملكة العربية السعودية تقدماً في حجم سوقها المالي في المؤشر بنسبة 0.3% لتصل نسبة السوق المالي السعودي إلى 2.6% في مؤشر الأسواق الناشئة، في حين لم يحدث تغيير على عدد السهم المنضمة والبالغ عددها 32 سهماً. إنّ انضمام تداول إلى مؤشر الأسواق الناشئة وإمكانية إدراج شركة أرامكو السعودية في العام 2019 (والذي تقدر أن تبلغ نسبته الى أكثر من 2.2% في مؤشر الأسواق الناشئة) من شأنهما أن يعززا مكانة المنطقة برمتها وأهميتها في الارتقاء بما يزيد عن نسبة 7% الى 8% في المؤشر العام للأسواق الناشئة.
هذا ولا تزال ملكية الأجانب في السوق المالية السعودية متدنية للغاية بنسبةٍ لا تزيد عن 5%، ويمكن أن تكون أقل إن عُدِّلت تبعاً للنسبة التي يمتلكها المستثمرون الاستراتيجيون والبالغة 3%، الأمر الذي يعني أن 2% فقط من السوق يملكها مديرو الأصول الأجنبية النشطة.
إننا نتوقع أن تزيد الملكية الأجنبية من الحصة الحالية التي ذكرناها سابقا والبالغة 2% الى ما لا يقل عن 8% نتيجة لإعلان كل من MSCI و FTSE انضمام تداول لمؤشرهما للأسواق الناشئة، والذي سيساهم بدوره في زيادة تدفق رؤوس الأموال لتبلغ قرابة 32 مليار دولارٍ أمريكيٍ إضافية بحلول نهاية العام 2019 (10 مليارات من خلال صناديق المؤشرات المباشرة مقابل 22 ملياراً من خلال صناديق المؤشرات النشطة). ومن المثير للاهتمام انه منذ بداية العام وحتى اليوم، حققت السوق المالية السعودية ارتفاعاً بنسبة 15% نتيجة تدفقات رؤوس أموال أجنبية بلغت قيمتها حوالي 3.6 مليار دولار أمريكي، وهو مؤشر على إمكانية زيادة قيمة الأسهم في الاثني عشر شهرًا القادمة.
ومنذ العام 2015 حتى العام 2017، لم يكن للسوق المالية السعودية نصيبٌ في الانتعاش الواسع الذي شهدته الأسهم العالمية، بل تأخرت عن مؤشر ستاندرد آند بور (S&P) بنسبة 45% وعن مؤشر MSCI EM بنسبة 24%. إلّا أن الربع الأول من عام 2018 كان نقطة التحول، فقد قلّصت السوق المالية السعودية نسبة تأخرها منذ بداية العام وحتى تاريخه لتصبح اليوم ثاني أفضل الأسواق أداءً على مستوى العالم في عام 2018، والسوق الأفضل أداءً من بين أكبر 20 سوقاً في العالم. ومن وجهة نظر تقييمية، تصل نسبة مكرر الربحية في السوق المالية السعودية إلى 15 في عام 2018، والمتوقع أن تصل الى 13.5 في العام 2019، وذلك مقارنة بالمعدل السابق لمكرر الربحية على مدى ال 5 سنوات الماضية والذي بلغ 17، مما يعني احتمالاً إضافياً لزيادة قيمة الأسهم بنسبةٍ تتراوح بين 13 – 26% لتصل إلى القيم العادلة المسجلة في السابق.
والجدير بالذكر، أن تحليل التقييم للسوق السعودي يأتي بالتزامن مع أداء السوقين الإماراتية والقطرية بين عامي 2013 و2014 وهي السنة التي فصلت بين قرار MSCI ضم هاتين السوقين وبين انضمامهما فعلياً، إذ شهدت السوقان الإماراتية والقطرية في تلك الفترة انتعاشاً بنسبة 68% و48% على التوالي.
إذاً، كيف يجب أن يتداول المستثمرون في سوق تكون إمكانية زيادة قيمة الأسهم فيه كبيرة؟ يضم المؤشر السعودي المنضم لمؤشر EM MSCI 32 سهماً مالياً، ويعتبر مصرف الراجحي وسابك السهمان الرئيسان حيث حققا أداء متميزاً (بنسبةٍ تفوق 32% للراجحي و24% لسابك منذ بداية العام وحتى اليوم) نظراً لتركيز المستثمرين على هاذين السهمين بفضل مستويات سيولتهما الضخمة، هذا ونتوقع أيضاً ارتفاع قيمة أسهم الشركات الأصغر حجماً عند دخول الصناديق الأجنبية إلى السوق نظراً لقلة عدد الأسهم المتوفرة للتداول.
في المحصلة، إن الإمكانيات المستقبلية للسوق المالي السعودي واعدة، والتي أصبحت أكثر إيجابية من خلال الإصلاحات الاستراتيجية المتضمنة في خطة "رؤية المملكة 2030". وإن اعلان MSCI الأسبوع الماضي يعتبر خير دليل على نجاح جهود الجهات الحكومية في المملكة على التحديث بشكلٍ ديناميكي ومستدام.
محمد هوا
مدير قسم الأسهم العالمية لدويتشه بنك في المملكة العربية السعودية